RSS

الأمراض الوراثية وطرق تشخيصها





مقدمة

فى جسم الإنسان الكثير من الأعضاء التى تختلف فى شكلها ووظيفتها ، وفى كل من هذه الأعضاء ملايين الخلايا التى تختلف وظيفتها حسب مكانها فى هذا العضو أو ذاك .
ولكن كل هذه الخلايا تتفق فى شىء واحد ألا وهو
أنها تحتوى على نفس الصفات الوراثية داخل نواة كل منها . وفى هذه النواة يوجد مايسمى " حاملات الصفات الوراثية " أو الكروموسومات .



وعدد الكروموسومات فى الإنسان هو 46 منها 44 ( 22 زوج ) تحدد شكل وتركيب الأعضاء المختلفة وإثنان تحديد الصفات الجنسية ؛ يكونان متشابهان فى الأنثى ومختلفان فى الذكر .



تحمل هذه الكروموسومات ال 46 حوالى مائة ألف صفة وراثية تحدد شكل ووظيفة جميع أعضاء الجسم البشرى ، وتتجلى قدرة الخالق العظيم فى دقة ونظام توزيع هذه الصفات الوراثية على الكروموسومات ولذلك فإن أى خلل ولو كان طفيفاً فى تركيبها يؤدى إلى أمراض كثيرة وإختلال فى وظائف الأعضاء .



والأمراض الوراثية توجد بنسبة 1 % تقريباً من المواليد فى معظم المجتمعات حول العالم ، وهذه نسبة كبيرة إذا مانظرنا إلى الوسائل المتاحة لتشخيص وعلاج هذه الأمراض ، ومن هنا فإن وفيات الأطفال فى الدول المتقدمة تنحصر الأن فى هذه الأمراض بعد تغلبهم على أمراض الأطفال الأخرى من قبيل الحميات المختلفة والإسهال وإلتهابات الجهاز التنفسى التى مازالت تقتل الكثير من الأطفال فى الدول النامية والفقيرة .
الأمراض الوراثية وطرق تشخيصها
:
وتنقسم الأمراض الوراثية إلى ثلاثة أنواع رئيسية هى :

أولاً:عيوب الكروموسومات

ثانياً:عيوب الحامض النووى البسيطة (أى عند نقطة واحدة)

ثالثاً:العيوب المتعددة فى الصفات الوراثية ( Polygenic disorders )

أ ) عيوب الكروموسومات ( الصبغيات ) حاملات الصفات الوراثية :

1- العيوب العددية :

بمعنى زيادة عدد الكروموسومات فى المريض أو نقصها عن الرقم الطبيعى أى 46 ، ومن أشهلا الأمثلة عن هذا العيب مرض الطفل المغولى الذى يكون لديه 3 كروموسمات من رقم 21 بدلاً من 2 فقط كما هو الحال فى الأطفال الطبيعيين مما قد يؤدى إلى تخلف عقلى وعيوب فى القلب وجهاز المناعة وغيرها من العيوب التى غالباً ماتودى بحياة الطفل فى سن مبكرة إذا لم تعالج بسرعة .

2- العيوب التركيبية :

يتركب كل كروموسوم من ذراعين ورجلين يرتبطان عند نقطة محورية ، ومعظم الكروموسومات يشبه حرف ( X ) فى اللغة الإنجليزية ، وتشمل هذه النوعية من العيوب الآتى :



  • نقص ذراع أو رجل أحد الكروموسومات فى صورة مزدوجة نتيجة لخلل أثناء إنقسام هذا الكروموسوم أثناء إنقسام الخلية .
  • وجود تبادل بين أجزاء الكروموسومات المختلفة أو بين طرفى الكروموسوم الواحد .
  • وجود أكثر من محور للكروموسوم أو وجوده على شكل حلقى نتيجة فقدان أجزائه الطرفية ثم إلتحامهما معاً .



فى كل هذه الحالات يكون هناك نقصاً أو تكراراً فى بعض الصفات الوراثية مما ينتج عنه خلل فى وظائف الكثير من الأعضاء فى الجسم .



وتتوقف إمكانية إستمرار الحمل فى هذه الحالات على عدد الصفات الناقصة أو المتكررة فى هذا الجنين وغالباً مايتم الإجهاض التلقائى فى هذه الحالات التى يكون بها خلل وراثى كبير تطبيقاً لقاعدة البقاء للأصلح وكنموذج من رحمة الله بعباده حتى يقيهم المعاناه الطويلة التى تنتهى بوفاة الطفل آجلاً أو عاجلاً على أى حال من الأحوال .

ب ) عيوب الحامض النووى البسيطة أو العيوب فى صفة وراثية واحدة :

تورث هذه العيوب بعدة طرق مختلفة وهى :

1- الصفات الوراثية السائدة :

وهى أمراض قد تكون موجودة فى أحد الوالدين أو تنتج عن حدوث طفرة وراثية أثناء تكوين الحيوان المنوى أو البويضة التى ينتج عنها الطفل المصاب ، ومن أشهرها مرض ( Achondroplasia ) وفيه يكون قصر القامة الشديد غير مصحوباً بالتخلف العقلى ولذلك نرى هؤلاء الأقزام كثيراً فى السيرك ويمكنهم إنجاب أطفال طبيعيين خاصة إذا ما تزوجوا من أشخاص طبيعيين .

2- الصفات الوراثية المتنحية :

وهى أمراض لاتكون موجودة فى أى من الوالدين ولكنها تظهر بنسبة 25 % فى كل حمل نظراً لأن كلاً من الأب والأم يحملان هذا العيب الوراثى المتنحى ، وبالتالى فهى تظهر فى حالات زواج الأقارب أكثر من غيرهما نظراً لتشابه الصفات الوراثية فى الأبوين بما فى ذلك الصفات المعيبة .

ومن أشهر الأمراض فى مصر نوع من أنواع فقر الدم يسمى أنيميا البحر الأبيض المتوسط ، وفى هذا المرض يلزم نقل الدم للمريض بصفة منتظمة على فترات متقاربة نظراً للتكسير المستمر لخلايا الدم الحمراء .

وهناك الكثير من أنواع التخلف العقلى الناتجة عن سوء التمثيل الغذائى يتم توريثها عن طريق هذه الصفات المتنحية .

3- الصفات الوراثية المرتبطة بالجنس :

وهى أمراض تنتقل من الأم التى لايظهر عليها المرض إلى أولادها الذكور دون الإناث ولكن 50 % من البنات يحملن المرض لينقلنه بدورهن إلى أولادهن الذكور وهكذا . وأشهر هذه الأمراض هى أمراض الدم التى إنتقلت من الملكة فيكتوريا ملكة إنجلترا وبناتها إلىمعظم العائلات المالكة فى أوربا .

ج ) الأمراض التى تنتقل عن طريق عدة عوامل وراثية ( Polygenic ) :

فى هذه الحالة يجب تواجد أكثر من عيب وراثى حتى يظهر المرض وبالتالى فهى أمراض يزداد حدوثها فى مناطق جغرافية محددة تعيش بها شعوب لاتختلط كثيراً مع غيرها مثل يهود شرق أوربا ومجموعة Amish فى ولاية بنسلفانيا بأمريكا والفرنسيون القدامى فى مقاطعة كوبيك بكندا .

ومن أشهر هذه الأمراض عيوب القلب المركبة ونقص تكوين الجزء العلوى من المخ والدماغ     ( Anencephaly ) ومرض السكر بدرجاته المختلفة .
الأمراض الوراثية وطرق تشخيصها

تحاليل الصفات الوراثية والتخصصات الطبية المختلفة

1- طب الأطفال

المتخصصون فى طب الأطفال هم المستفيد رقم ( 1 ) من هذه النوعية من التحاليل الطبية لأنهم أول من يعرض عليه هذه الحالات وبالتالى فهم يهتمون بدراستها أكثر من أى تخصص أخر ، ومن ناحية أخرى لايصل به العمر إلى أبعد من مرحلة الطفولة حتى يراه الأخصائيون فى الفروع الأخرى من الطب .

وتحاليل الكروموسومات تكون مطلوبة للأطفال الذين يعانون من أى من المشاكل الآتية : التأخر العقلى ، تأخر نمو الجسم بدرجاته المختلفه ، بعض العيوب التى تصيب أكثر من عضو فى الجسم كأن تجمع بين التخلف العقلى وتركيب القلب وقصر القامة وشكل الأطراف بالإضافة إلى الأمراض التى لايمكن تصنيفها تحت مسمى محدد لأحد الأمراض المعروفة وهو غالباً ماينتج عن تعرض الأم إلى تأثير مواد موجودة فى البيئة ( ملوثات بيئية ) قبل حدوث الحمل .

2- أمراض النساء والتوليد

بعض حالات إنقطاع الطمث الأولى يكون سببها نقص أحد كروموسومات الجنس وبالتالى يكون عدد كروموسومات المريضة 45 فقط بدلاً من 46 وهو ما يسمى بمتلازمة تيرنر ( Turner syndrome ) ويكون مصحوباً بقصر ملحوظ فى طول القامة وعقم أولى ، وهناك حالات أخرى يكون غياب الدورة الشهرية فيها ناتجاً عن عيوب فى تركيب كروموسوم الجنس ولاتكون مصحوبة بقصر القامة .

حالات الإجهاض المتكرر خاصة فى شهور الحمل الأولى تكون أحياناً ناتجة عن عيوب تركيبية فى الكروموسومات لا تظهر أعراضها على المريضة نفسها نظراً لاكتمال جميع الصفات الوراثية لديها ولكن تظهر فقط عند إنقسام البويضة لأن نواتج الإنقسام تكون غير متساوية مما ينتج عنه تكوين جنين يحمل صفات وراثية ناقصة أو متكررة مما لايسمح بإستمرار حياة هذا الجنين .

ويفضل فى حالات الإجهاض المتكرر البدء بعمل تحاليل لكشف الأسباب الأخرى مثل إضطرابات الهرمونات وبعض الميكروبات التى تؤذى الجنين والمشيمة .

أما أهم ما يستفيده أخصائى أمراض  النساء والولادة من تحاليل الوراثة فهو تحليل السائل الأمنيوسى المحيط بالجنين فى مرحلة مبكرة من الحمل لكشف العيوب الوراثية بما يسمح بإتخاذ القرار المناسب لإستمرار الحمل ، وهذه النوعية من إختبارات الوراثة يجب أن ينصح بها كل الأخصائيون أى سيدة أثناء متابعة الحمل إذا ماتخطى سن السيدة 35 عاماً نظراً لزيادة فرصة الإصابة بالأمراض الوراثية بعد هذا السن ؛ وفى الولايات المتحدة الأمريكية نماذج كثيرة لقضايا رفعتها سيدات ضد أطبائهن الذين لم ينصحوهن بذلك .

وهذا النوع من التحاليل يتطور بسرعة كبيرة ، وهناك حالياً طرق لإكتشاف عيوب الكروموسومات فى الجنين خلال يومين على الأكثر باستخدام ميكروسكوبات متقدمة وبدون الحاجة إلى زرع خلايا السائل الأمنيوسى والتى تستغرق 4 أسابيع فى المتوسط .

3- أمراض الذكورة وعقم الرجال

وجود زيادة فى أحد كروموسومات الجنس لدى الرجل يؤدى إلى مايسمى بمتلازمة كلاينفلتر ( Klinefelter syndrome , 47 , XXY ) وهو مرض يؤدى إلى إختلاف شكل الجسم عن المعتاد للرجال ويمنع تكوين الحيوانات المنوية مما يؤدى إلى العقم فى الرجال ، وهناك عيوب أخرى تؤدى إلى نقص تكوين الحيوانات المنوية وبالتالى يجب عمل تحاليل الوراثة لهذه الحالات خاصة إذا ما أقدمت على عمل ما يسمى بالإخصاب المجهرى وهو أحدث الأساليب المستخدمة فى عمل أطفال الأنابيب .

4- إشتباه الجنس والتخنث

فى هذه الحالات يجب تحديد الصفات الوراثية الموجودة لدى المريض قبل إتخاذ أى إجراءات لعلاج نفسى أو جراحى وإلا فشل العلاج أو أدى إلى عواقب وخيمة .

5- الطب الشرعى

اعتمدت إختبارات الأبوة لفترات طويلة على دراسة فصائل دم الأم والأب والطفل لإثبات البنوة من عدمه ولكنها كانت تستطيع فقط أن تثبت عدم أبوة أب معين لطفل معين ولاتستطيع تأكيد الأبوة . أما إختبارات الوراثة الحديثة وخصوصاً ما يسمى بالبصمات الوراثية للحامض النووى فهى تستطيع تأكيد هذه العلاقة أو نفيها فى كل الحالات تقريباً .

6- الملوثات البيئية

يتعرض بعض العاملين فى المصانع المختلفة إلى نسب عالية من المواد التى تسبب طفرات وراثية يمكن قياسها عن طريق تحليل الكروموسومات وبالتالى يمكن إتخاذ الإجراءات المناسبة من إدارة الأمن الصناعى لتفادى تعرض العاملين المصابين أو نقلهم إلى أقسام أخرى وذلك حيث أن بعض العاملين تكون قدرتهم محدودة على تحمل هذه الملوثات البيئية بالمقارنة بغيرهم من العاملين الذين لايتأثرون بدرجة ملحوظة .

 وأهم أمثلة هذه الإصابات هو تأثر القدرة الإنجابية للعاملات فى مصانع الأدوية والكيماويات .

7- الأستشارات الوراثية قبل الزواج

فى بعض حالات زواج الأقارب أو الإقتران بعائلة بها فرد أو أكثر مصابين بمرض وراثى معروف يجب اللجوء للإرشاد الوراثى عن طريق المختصين لمعرفة نسبة المخاطرة التى يتعرضون لها بالنسبة لإنجاب طفل مصاب بمرض وراثى ويكون لهم بعد ذلك حرية إتخاذ القرار فى الإنجاب من عدمه

 أو عدم إتمام الزواج أصلاً لأن الرغبة فى الإنجاب هى رغبة مؤكدة فى النفس البشرية وعدم الإنجاب يشكل مصدراً أكيداً للخلافات الزوجية المزمنة .

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 التعليقات:

إرسال تعليق

follow us on facebook

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة